-->

دليل شامل عن سعر شوال الدقيق في السودان اليوم من الألف إلى الياء

الوضع الاقتصادي الراهن وأزمة الدقيق

تشهد السودان أزمة اقتصادية حادة نتيجة الحرب الراهنة والانهيار المتسارع لقيمة الجنيه، ما أدى إلى تضخم هائل في أسعار السلع الأساسية. فقد فقدت العملة المحلية نحو 65% من قيمتها خلال ثلاثة أشهر فقط، ووصل سعر الدولار إلى أكثر من 2500 جنيه. ويُتوقع (وفق برنامج الغذاء العالمي) أن تستمر أسعار السلع في الارتفاع بنحو 500% مقارنة بالعام السابق. وقد أدى هذا الانهيار إلى تراجع كبير في الإنتاج المحلي (أغلقت الحرب نحو 85% من المصانع)، وارتفاع تكلفة الاستيراد من الخارج لسد النقص في المحاصيل كالسكر والشاي واللبن والدقيق. في هذا المناخ، أصبح سعر شوال الدقيق في السودان اليوم موضوع قلق بالغ للمواطنين والاقتصاديين على حد سواء.

دليل شامل عن سعر شوال الدقيق في السودان اليوم من الألف إلى الياء
دليل شامل عن سعر شوال الدقيق في السودان اليوم من الألف إلى الياء


أسعار شوال الدقيق بالتفصيل

بين الأسواق الرسمية والسوداء تفاوت كبير في سعر شوال الدقيق (25 كجم). ففي الأيام الأخيرة، أشار تاجر في سوق صابرين الشعبي بأم درمان إلى أن السعر ارتفع من 30,000 إلى حوالي 40,000 جنيه سوداني للشوال الواحد. وفي ولاية شمال كردفان (مدينة الأبيض)، وجد أصحاب المخابز أن الشوال الواحد وصل إلى 60,000 جنيه (23 دولاراً) في يوليو 2024. أما في مدينة الدويم بولاية النيل الأبيض، فارتفع سعر شوال الدقيق من 25,000 جنيه إلى 57,000 جنيه خلال عدة أشهر. وفي ولاية كسلا شرقاً قفز سعر الشوال (25 كجم) إلى نحو 23,000 جنيه.

تظهر هذه الأرقام أن أسعار الدقيق قد تضاعفت أو تضاعفت عدة مرات مقارنة بالأعوام السابقة، وتعكس الفوارق بين الولايات والمناطق. فعلى سبيل المثال:

  • ولاية كسلا: ذكر تاجر أن «شوال الدقيق (25 كجم) ارتفع إلى 23 ألف جنيه» مؤخراً.

  • ولاية شمال كردفان (الأبيض): ارتفع السعر من نحو 40,000 إلى 60,000 جنيه خلال أشهر.

  • ولاية النيل الأبيض (الدويم): ارتفع السعر من 25,000 جنيه إلى 57,000 جنيه.

  • أم درمان (سوق صابرين): تم رصد ارتفاع من 30,000 إلى 40,000 جنيه للشوال.

كما أفادت تقارير ميدانية أن المناطق المتضررة من الحرب تشهد أسواق تبادل محلية (كسوق المزايدة) حيث تُبادَل السلع دون أموال بسبب نقص السيولة. تُظهر الصورة أدناه مثالاً لسوق شعبي في كردفان، حيث يعكس النزاع ارتفاع أسعار الدقيق وشحّته في هذه المناطق.

مواطنون في سوق شعبي بإحدى مناطق ولاية كردفان يشترون السلع الأساسية في ظل أزمة الدقيق وارتفاع الأسعار.

أما في العاصمة والولايات الكبرى (مثل الخرطوم وبورتسودان)، فيُعتمد الدقيق على الاستيراد والدعم الحكومي. ومع ذلك لا توجد مؤشرات أسعار رسمية موحدة، ويبلغ سعر الشوال المدعوم رسمياً قيمة زهيدة (غير نافذة عمليا) بينما سوق السوداء يحدد الأسعار الفعلية. تفيد مصادر حكومية بأن توزيع الدقيق المدعوم شهرياً يواجه نقصاً كبيراً، ما يدفع مستوردي الدقيق إلى رفع الأسعار تبعاً لصرف الدولار وتكاليف النقل.

أنواع الدقيق واستخداماته في السودان

النوعان الرئيسيان من الدقيق المستهلك في السودان هما دقيق القمح الأبيض المكرر والدقيق الأسمر الكامل. يستخدم دقيق القمح (الخبز) المكرر بنسبة عالية في صناعة الخبز الأبيض والحلويات والوجبات اليومية، وهو يحتاج إلى إستيراد القمح الناعم من الخارج أو استغلال الكميات المحلية المحدودة. أما الدقيق الأسمر (الحبوب الكاملة)، فيحتوي على النخالة (الألياف) والجنين، ويوفر فوائد صحية أكبر. وينتشر في بعض المناطق استهلاك منتجات دقيق الذرة أو دقيق الشعير (مثل العصيدة)، لكن الطحين الأعلى استهلاكا يبقى من القمح.

تقدر الدراسات أن السودان يستهلك نحو 2.3 مليون طن من الدقيق سنوياً، ويستورد حوالي 3 ملايين طن من القمح سنوياً (بالإضافة إلى نحو 400 ألف طن إنتاج محلي) لتلبية هذا الطلب. تمتلك البلاد طاقات طحن كبيرة (حوالي 18 ألف طن يومياً)، تستخدم حالياً نسبة ضئيلة منها (~42%)، ما يعني وجود إمكانية لتحقيق إنتاج محلي أكبر إذا وُجهت الموارد بالشكل الصحيح.

مميزات وعيوب دقيق القمح

مميزات الدقيق (القيمة الغذائية): يمثل دقيق القمح مصدراً رئيسياً للكربوهيدرات والطاقة في وجبات السودانيين اليومية. يحتوي الدقيق الكامل (الأسمر) على نسبة عالية من فيتامينات ب والألياف الغذائية، مما يعزز مستوى الطاقة ويساعد في السيطرة على الوزن عند تناوله بكميات معتدلة. كما ثبت أن تناول كمية من الألياف الموجودة في الحبوب الكاملة (مثل الدقيق الكامل) يساهم في خفض مخاطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني وتحسين صحة الأمعاء. ووفق الدراسات الغذائية، فإن النظم الغذائية التي تضم حبوباً كاملة (كتلك في الدقيق الكامل) قد تقلل من مخاطر السكتة الدماغية وبعض أنواع السرطان كالقولون والمعدة.

عيوب الدقيق: رغم أهميته، يواجه دقيق القمح بعض السلبيات، خاصة لأنه يحتوي على جلوتين (بروتين القمح). يعاني أصحاب اضطرابات هضمية (مثل السيلياك) أو حساسية من الغلوتين من مشاكل صحية (كالانتفاخ والإسهال) عند تناول الدقيق. كما أن القمح الكامل يحتوي على حمض الفيتيك الذي قد يعوق امتصاص المعادن (كالحديد والزنك) في الجسم. بالإضافة لذلك، رُبط استهلاك مفرط لبعض مكونات الحبوب (كاللكتين) بمقاومة هرمون اللبتين، مما قد يؤدي إلى زيادة الوزن غير المتوقعة. وبسبب إزالة النخالة والجنين عند إنتاج الدقيق المكرر، فإنه يفقد كميات كبيرة من الألياف وبعض الفيتامينات، ما قد يقلل من قيمته الغذائية مقارنة بالدقيق الكامل.

المقترحات والحلول لمواجهة أزمة الدقيق

  • ضبط سوق التوريد والاستيراد: ينصح الخبراء بتسهيل استيراد القمح بدل الدقيق الجاهز لتقليل الفجوة وزيادة العرض. فقد أقترح اقتصاديون «وقف استيراد الدقيق والاعتماد على استيراد القمح الخام» لتشغيل المطاحن المحلية. كما يدعون إلى خفض الرسوم الجمركية وتسهيل منح العملات الأجنبية للشركات المستوردة لضخ كميات أكبر من الدقيق في السوق.

  • استغلال الطاقات المحلية: لتحقيق الاكتفاء الغذائي، يُقترح الاستفادة من قدرات الطحن الفائضة المتوفرة. فالتوسع في تشغيل المطاحن يمكن أن يغطي جزءاً من الاستهلاك المحلي وربما تصدير الفائض إقليمياً. ويمكن للدعم الحكومي (أسعار شراء محسّنة للمزارعين) أن يشجع زيادة زراعة القمح داخلياً، كما كان سابقاً حين رفع سعر شراء القمح المحلي إلى 13,500 جنيه للجوال (100 كجم).

  • تعزيز الرقابة ومكافحة الفساد: يجب إحكام الرقابة على عملية توزيع الدقيق المدعوم لمنع تسريبه إلى السوق السوداء. فقد أعلنت وزارة الصناعة والتجارة عن فرض عقوبات (حتى السجن 5 سنوات) على من تثبت مشاركته في تهريب الدقيق المدعوم. كما يُنصح بإنشاء مراكز مراقبة للتوزيع في الولايات كافة وحماية مخازن الحبوب، لضمان وصول الدقيق المدعوم إلى مستحقيه.

  • دعم البدائل الغذائبة مؤقتاً: في ظل شح الدقيق، قد يحتاج المواطنون لاستبدال جزء من الدقيق بالحبوب المحلية المتوفرة كالذرة والكسرة (دخن) لتخفيف الضغط على استهلاك القمح. كما أن إعادة دعم الخبز (كما كان معمولا قبل الأزمة) وتوفير بدائل غذائية مؤقتة قد تخفف من حدة الأزمة على الفئات الأكثر فقراً.

التحليلات والتوقعات المستقبلية

بقاء أسعار الدقيق عند هذه المستويات أو ارتفاعها أكثر يعتمد على تطورات عدة. فإذا استمر تدهور سعر الصرف وتفاقمت الحرب، فقد نرى مواصلة كبيرة في التضخم. فمن المرجح أن تؤدي الاضطرابات الجارية إلى مزيد من ندرة الدولار وارتفاع تكلفة الاستيراد. توقع محللون أن الانتعاش في قيمة الجنيه (عند تحقق السلام واستقرار السوق) هو السبيل الوحيد لتهدئة الأسعار. وحذّر الخبراء من أن سياسات ندرة النقد الأجنبي وارتفاع الربحية قصيرة الأجل قد تفاقم الأزمة، مؤكدين ضرورة التعاون مع الشركاء الإقليميين لتأمين العملات الأجنبية اللازمة لاستيراد الغذاء.

باختصار، سعر شوال الدقيق في السودان اليوم يبلغ حالياً عشرات آلاف الجنيهات (حوالي 40,000 – 60,000 شوال 25 كجم في غالب المدن)، مع تسجيل زيادات تصل إلى 100% أو أكثر خلال أشهر. وقد تجاوزت بعض التقارير 7,000 جنيه للكيلوغرام في مناطق الصراع، مما يعادل 175,000 جنيه للشوال. هذه الأرقام المرعبة تعكس عمق الأزمة، وتؤكد أن الحلول تتطلب إجراءات جذرية تشمل السلام السياسي، دعم الإنتاج المحلي، وضبط الأسعار والعملة.

سيرفر التحميلات

مرحبًا بك في موقعنا

هنا يمكنك تحميل المواد والمحتوى الذي تريده بكل سهولة.

تحميل الملف ⬇️