مدراء الإذاعة السودانية: السيرة الكاملة لقادة الإعلام القومي من التأسيس إلى الحاضر
تأسّست الإذاعة السودانية (إذاعة أم درمان) في الأول من مايو 1940م بهدف دعم جهود الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية، ومنذ ذلك الحين تعاقب على إدارتها مجموعة من الشخصيات الإعلامية والحكومية، ترك كل منها بصمته في تطوير الإذاعة القومية السودانية. فيما يلي عرض موجز لكل مدير من مدراء الإذاعة السودانية (من الأحدث إلى الأقدم) متضمّنًا الاسم الكامل، المؤهلات الأكاديمية والمهنية، وظروف تعيينه، وأهم إنجازاته ودوره في تطوير الإذاعة:
إبراهيم محمد إبراهيم البزعي – المدير العام الحالي للإذاعة القومية السودانية
إبراهيم محمد إبراهيم البزعي هو إعلامي سوداني مخضرم، تولى رئاسة الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون (الإذاعة القومية) في أبريل 2022 بقرار من قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان. ينحدر البزعي من “القيادات التاريخية” في الإعلام السوداني، فقد سبق أن تولى رئاسة الهيئة عام 2019 إبان فترة المجلس العسكري الانتقالي. ليس معلوماً أن يحوز البزعي على مؤهلات أكاديمية محدّدة، لكن مسيرته المهنية حافلة بالعمل الإذاعي والإداري.
-
تاريخ التعيين وظروفه: صدر قرار تعيين إبراهيم البزعي في 10 أبريل 2022م، وذلك بعد أن أقال الجيش السوداني القائم بأعمال مجلس السيادة آنذاك لقمان أحمد محمد من منصبه. جرى التكليف في إطار “تصحيح مسار الثورة” كما وصفها النائب الأول للرئيس.
-
أبرز الإنجازات: خلال توليه المنصب الحالي وأثناء اندلاع الحرب الأهلية في السودان منتصف أبريل 2023، نجح البزعي وطاقم الإذاعة السودانية في المحافظة على استمرار البث الإذاعي رغم الدمار والظروف الصعبة. فقد اتخذوا تدابير فنية وهندسية لحماية مباني الإذاعة من الاستغلال في الصراع، ونجحوا في نقل بعض عمليات البث خارج العاصمة (إلى عطبرة والبُرْتُسودان) للحفاظ على استمرارية إذاعة صوت السودان. كما عمل البزعي على إعادة تنظيم الهيئة بعد انفتاح الأوضاع سياسية حديثاً.
-
شعبيته وتأثيره: يعد البزعي من الوجوه الموثوقة في الإعلام السوداني، وله حضور مشهور بين العاملين في الإذاعة. وقد حظي بحفاوة في تسجيلات الأناضول الصحفية لما بذله من جهد للحفاظ على أجهزة البث رغم الحرب. يُنسب إليه دور مهم في حمايتها، وإن كان قيادياً فنياً أكثر من كونه “مهندساً” للتنمية الإعلامية.
لقمان أحمد محمد – مدير الإذاعة القومية في فترة ما بعد الثورة
لقمان أحمد محمد إعلامي سوداني بارز وُلد في الولايات المتحدة ودرس الإعلام فيها، ثم عمل مقدم برامج صحفية في قناتي الـ(BBC) ولندن، ولُقب بـ«الناقلة الخبرية» لدقّة طرحه. عُين مديراً عاماً للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في 22 ديسمبر 2021 بأمر من رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، بعد إعفاء إبراهيم البزعي من المنصب. ويتضح من تصريحات حمدوك أن إعادة تعيين لقمان جاءت بناءً على توصية وزير الثقافة والإعلام للمرحلة الانتقالية.
-
تاريخ التعيين وظروفه: أعلن رئيس الوزراء في ديسمبر 2021 إنهاء تكليف البزعي وإعادة لقمان إلى رأس الهيئة. جرى التكليف بعد اقتناع الحكومة بأنه الأكثر جدارة، لخبرته الإعلامية الدولية.
-
أبرز الإنجازات: أسهم لقمان في إدخال الخبرات الدولية للهيئة السودانية للإذاعة والتلفزيون، وتبوأ سابقاً منصب مدير هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في واشنطن. خلال مدة ولايته، أطلق بعض المبادرات الرقمية لاستفادة الإذاعة من التكنولوجيا الحديثة (غير موثّقة بمصادر علنية)، وساهم في الحفاظ على استقلالية المحتوى خلال الانتقال السياسي.
-
شعبيته وتأثيره: لقي لقمان أحمد استحسان العاملين في قطاع الإعلام، واعتبره الإعلاميون أحد أكثر المرشحين خبرةً لهذا المنصب. إلا أن فترة عمله كانت قصيرة، إذ دارت تغييرات سريعة بعدها إثر الانقلاب العسكري، وأُحيل لقمان للخدمات المدنية بينما أعيد إبراهيم البزعي للمنصب.
إسماعيل محمد أحمد عيساوي – مدير الإذاعة القومية (2019)
إسماعيل محمد أحمد عيساوي هو إعلامي وشخصية من مؤسسات الإعلام الحكومي، تولّى منصب المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في بداية حكومة عبد الله حمدوك الانتقالية عام 2019. شغل سابقاً مواقع قيادية بإذاعة أم درمان، ويعرف بمواقفه المحسوبة.
-
تاريخ التعيين وظروفه: باشر عمله مديراً عاماً للهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون (الإذاعة القومية) في سبتمبر 2019 بناءً على قرار حكومي. لكنه لم يمضِ على ذلك سوى أيام، إذ أعلن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في 15 سبتمبر 2019 إعفاءه من المنصب. تولّى مهام المدير العام بدلاً عنه حينذاك إبراهيم البزعي.
-
أبرز الإنجازات: لم تُسجل له إنجازات بارزة خلال فترة قصيرة؛ إذ كان مثار نقاش واتهامات بتسييس بعض البرامج، الأمر الذي استدعى تدخّل القضاء وقضايا ضد مؤسسته. وتمت الإطاحة به كجزء من التغييرات التي أعقبت حكم «العسكري الانتقالي» وبدء الحكومة المدنية، حيث كان يقف في مواجهة مطالب الثورة بتطهير الإعلام.
-
شعبيته وتأثيره: تُعد شخصية عيساوي مثيرة للجدل؛ فلكونه من كوادر النظام السابق («الإخوان المسلمين») حسب بعض التقارير الصحفية. حينها بدا وجهاً غير مرغوب من قبل الثورة، لكنّه ظل بين الإعلاميين قدوة بعض الشيء لكفاءته الإدارية. أُعيد توظيفه لاحقاً كمستشار صحفي، مما يؤشر إلى كفاءته التي أقرّ بها خصومه قبل أن تتغيّر الأوضاع السياسية.
معتصم فضل عبد القادر – مدير إذاعة أم درمان (2012–2014)
معتصم فضل عبد القادر إعلامي سوداني مخضرم وخريج معهد الإعلام بالخرطوم، عمل سابقاً مذيعاً ومخرجاً ومنتجاً بإذاعة أم درمان. شغل منصب مدير إذاعة أم درمان القومية في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
-
تاريخ التعيين وظروفه: تقلّد معتصم فضل منصب مدير الإذاعة في عام 2012 تقريباً، وذلك بعد تجربة ناجحة كمدير لعدة مراكز إذاعية (له مشاركات ميدانية في برامج إذاعية). وبقي في المنصب حتى سبتمبر 2014، حين أمر الرئيس عمر البشير بإعفائه ضمن حملة تعديل قيادات الإعلام الرسمية. جاء التعيين والإعفاء في إطار الخلافات السياسية والمحاولة المستمرة للسيطرة الحزبية على وسائل الإعلام.
-
أبرز الإنجازات: يُنسب إلى فضل دور كبير في نقل الإذاعة السودانية إلى «العالم الرقمي» منذ عام 2000، فقد قاد مشروع رقمنة محتوى الإذاعة الأقدم في أفريقيا. وقد حسّن إنتاج البرامج والأرشفة بشكل جذري، حيث تحول معظم بث الإذاعة إلى صيغة رقمية (Netia)، وجُمعت مكتبة إذاعة أم درمان الضخمة (أكثر من 180 ألف ساعة بث) في بنية حاسوبية متطورة. وبذلك مكّن كل فريق العمل من الوصول السريع إلى المواد القديمة والإنتاج الجديدة بجودة صوت محسّنة.
-
شعبيته وتأثيره: حظي معتصم فضل بشعبية كبيرة لدى العاملين، واعتُبر قائدًا إداريًا مخلصًا للإذاعة القومية. فقد حرص على تطوير أداء المذيعين وفنونهم، وتعزيز الدور الإعلامي للتسجيلات الإذاعية الوطنية. ويرى كثيرون أنه أحد أهم مؤسسي «الإذاعة الجديدة» في السودان الحديث، إذ ربط مهنته التكنلوجيا الإعلامية بروح الخدمة الوطنية.
شخصيات أخرى وعملهم في الإذاعة السودانية
إلى جانب المدرَجين أعلاه، تولّى قيادة الإذاعة القومية السودانية قبل ذلك جيل من الإعلاميين والقادة، منهم:
-
عوض جادين محي الدين (مدير سابق) – شخصية إعلامية تاريخية شغل المنصب قبل عام 2014، واشتهر بخبرته الإذاعية الطويلة.
-
صلاح الدين الفاضل (مدير سابق) – صحفي وأكاديمي بارز، تولى سابقًا إدارة الإذاعة القومية واستمر في تشجيع توسيع برامجها الثقافية.
-
خاتم عبد الله، السيد حديد السراج – إعلاميان قديمان، أدّيا أدواراً قيادية في تطوير البث الإذاعي بالحقبة ما بعد 2000.
-
محمد خوجلي صالحين، محمود أبو العزائم، محمد سليمان بشير، صالح محمد صالح – من الأسماء التي تولّت مناصب إدارية عليا في الإذاعة الوطنية خلال العقد الثاني من القرن العشرين.
-
هؤلاء الكوادر تاريخهم طويل في الإعلام السوداني، وكان لكل منهم إسهامات لا يستهان بها في البرامج المسموعة وتنمية المواهب الإذاعية. وردت أسماؤهم في القوائم الرسمية كمديرين لتعاقبت إدارة الإذاعة عبر العقود، ممّا يدلّ على تقدير مؤسسات الدولة لهم وخبرتهم.
توضح الجدول أدناه التسلسل الزمني للمدراء الذين تعاقبوا على الإذاعة السودانية القومية مع بداية ونهاية عهد كلٍ منهم (وفقاً للمصادر الرسمية):
الاسم | من | إلى |
---|---|---|
إبراهيم محمد البزعي | 2022م | الآن |
لقمان أحمد محمد | 2021م | 2022م |
إسماعيل محمد أحمد عيساوي | 2019م | 2019م |
معتصم فضل عبد القادر | 2012م | 2014م |
عوض جادين محي الدين | 2010م (تقريباً) | 2012م (تقريباً) |
صلاح الدين الفاضل | 2000م | 2010م (تقريباً) |
الخاتم عبد الله | 1990م | 2000م (تقريباً) |
السيد حديد السراج | 1980م | 1990م |
صالح محمد صالح | 1975م | 1980م |
محمد سليمان بشير | 1970م | 1975م |
محمود أبو العزائم | 1965م | 1970م |
محمد خوجلي صالحين | 1960م | 1965م |
التجاني الطيب | 1955م | 1960م |
عبد الواحد عبد الله | 1950م | 1955م |
أحمد عبد الله العمراوي | 1947م | 1950م |
محمد العبيد | 1946م | 1947م |
طه عبد الرحمن | 1945م | 1946م |
محمد صالح فهمي | 1944م | 1945م |
أبو عاقلة يوسف | 1943م | 1944م |
متولي عيد | 1942م | 1943م |
الصاغ التاج حمد | 1941م | 1942م |
خاطر أبو بكر | 1941م | 1942م |
محمد عبد الرحمن الخانجي | 1940م | 1941م |
محمود الفكي | 1940م | 1941م |
حسين طه زكي | 1940م | 1941م |
مستر فنش دوسون (بريطاني) | 1940م | 1940م |
المصدر: وزارة الثقافة والإعلام السودانية (التواريخ تقريبية تقدّر بداية ونهاية كل فترة).
بالنظر إلى ما سبق، يتضح أن مدراء الإذاعة السودانية لعبوا أدواراً محورية في تاريخ الإعلام السوداني. فقد تراوحت خلفياتهم بين مذيعين ومخرجين وإعلاميين أكاديميين، كما شهدت فترات إدارتهم تطوراً تقنياً وتنظيمياً كبيراً في الإذاعة القومية. تكمن أهمية هؤلاء المدراء في أنهم حافظوا على رسالة الإعلام الوطني وتراثه عبر العقود، بدءاً من البث الإذاعي الأول عام 1940م وحتى عصر التقنية الرقمية والإنترنت الراهن. ومن اللافت أن عدداً من مدراء الإذاعة تقلّدوا مناصب حكومية أخرى أو أكاديمية بارزة بعد عملهم في قطاع الإذاعة، مما يعكس القيمة العالية لخبراتهم ومكانتهم في المجتمع السوداني.